بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف خلقه، وأفضل رسله محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فإن من أهم الموضوعات التي لابد للمسلم أن يعرفها بجلاء, موضوع المخلوق المقابل للإنس، وهو الجن، ذلك المخلوق العجيب الذي امتلئت بذكره آيات القرآن، ودواوين السنة الشريفة، وتحدث عنهم أئمة الإسلام في مصنفاتهم الكثيرة.
ولأجل تلك المساحة الواسعة التي تركها موضوعها الجن في الكتاب والسنة، ودواوين الإسلام الكثيرة رأيت أن من الأهمية بمكان أن أفرد مصنفًا مختصرًا يعرف بهم، ويذكر صفاتهم، ويبين خيرهم وشرهم، والوسائل التي تعين على اتقاء شرهم، لا سيما في هذا الزمان الذي عم فيه الجهل، وكثر فيه الاتصال بالسحرة والكهان الذين يأخذون من كفرة الجن ليضلوا ويُضلوا.
كما أن في الحديث عنهم إرشادًا وتنبيهًا لما أصيب به كثير من الناس في زماننا هذا من تسلط كفرة الجن عليهم بالصرع، ليعلم هؤلاء المصابون بهذا الأمر أنه ابتلاء واختبار، وأن من أصيب بذلك فصبر كان جزاؤه الجنة؛ كما ورد ذلك في قصة المرأة التي كانت تصرع.
والموضوع له دقائق وخفايا مبثوثة في الكتب، لا تعرف إلا عن طريق كثرة النظر والتدقيق، وقد حاولت قدر جهدي استخراج ذلك في هذا المؤلف الصغير، وقسمت الموضوع إلى أربعة أمور رئيسة، وجعلت تحتها من الفروع ما توصلت إليه من العلوم المبثوثة في كتب أهل الإسلام، وهذه الأمور هي:
1- التعريف بهم مع الشرح والبيان.
2- ذكر صفاتهم.
3- بيان إيذاء الجن للإنس وكيفية ذلك.
4- سبل الوقاية من شرهم.
وقد بذلت في ذلك كل ما أملكه من جهد ووقت، والله تعالى أسأل أن يجعله في ميزان الحسنات يوم الدين، وأن ينفع به المسلمين أجمعين، وما توفيقي إلا بالله، وعليه أتوكل، وبه أستعين، وصلى الله وسلم على نبيه الأمين الكريم، وعلى جميع الصحب والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.